حين ننفتح من جديد على الواقعيّة لنتفحّص جيّدا أخبار مجتمعنا الغارق في الفقر والتخلّف والجهل والأحلام الهاربة تلك التي لا تعدو أن تكون أوهاما.. مأساة الإنسان الفرد داخل مجتمع فردانيّ متوحّش لا يولي اهتماما إلّا للمادة والمال. ذلك المجتمع الذي افتقد أخلاقه يعيش على هامش التاريخ حياة المزابل. فشخصيات قصصنا هي أشباح بشر بلا ذوات، مرهقة ومثقلة بالألم والسخط والضياع، تتساءل وتبحث عن الخلاص، ثم تختار طريق الوهم حالمة بالثراء السريع وزواج البدعة ومتعة حسيّة غائبة وروح منسيّة تائهة، وذوات بلا حياة تعيش مأساتها اليوميّة بلا شريك فلا أحد يهتمّ لأحد إلا بمقدار ما يدفعه من مال.. قصص مجموعتنا حالات اجتماعيّة بائسة ولكنّ تلك الحالات لم تبقى استثناءً بل صارت القاعدة ومن خلالها نتعرّف على ملامح مجتمع يرزح تحت الجهل والفقر والجريمة.. القتلة الثلاثة هادمي اللذات ومفرّقي الجماعات. متى اجتمعوا لم يكن بعد حياة. والمثقف في هذا المجتمع مغلوب على أمره، مرفوض أو منسجم مع مجتمعه، مرتهن قلمه وفكره للسلطة، فهو منافق ومهادن، ساقط في الفردانيّة يبحث عن وهمه الخاص في السعادة محاولا سرقة بعض اللحظات السعيدة مختارا عزلته التي تُخترق دائما. وهو متخاذل فاشل تافه إلى أقصى درجات التفاهة. منسحب إلى درجة التفأرن. خائف ومطارد وكلب.. إنّه التيه والتخبّط في البحث عن حلول، ولكننا أثناء رحلة البحث عن ذلك الحل السحريّ للقضايا الكبرى لشخصياتنا، تنسحب على بؤسنا خرائط الحزن الذي لا يخرقه أمل، فكل الأبواب موصدة إلا باب الوهم والتخبط في اللوعة والأفعال التي لا تؤدي إلا إلى الضياع والخيبة والجنون.. إنّه عالمنا القديم وقد تجدّد بآليات معاصرة، عالم الجريمة والفقر والهزيمة والجهل والضياع. ذلك العالم الذي نعيد اكتشافه أدبيا لنقف على مسبباته وعوامل خذلانه وتشريح دلالاته. وعند اكتشافنا لهذا العالم ننفتح كما ننغلق على حياة هي موت مؤجل التنفيذ وتخبّط في متاهات لا نريدها حين نطمح بتلك الأشياء التي تبدو من حقنا، لكن في غيابها وفي ظلّ واقعنا المحاصر بالفساد والضجر والخديعة تجد شخصيات قصصنا أنفسها من جديد في مواجهة الضياع..
Çatdırılma Xərci |
|
Mağaza Məkanı |
İncələmə tapılmadı!
Bu məhsul üçün şərh tapılmadı. İlk şərhi yazın!