بلاد سعيدة: سنوات الانهيار، والشظية الخيالية في الرأس. الجثث مجهولة الهوية، المقبرة المائية في نهر الفرات، رفع الرايات البيض، والسماء المكتظة بالطائرات والقذائف. التاريخ الذي بدأ يشحب في الذاكرة، القرية التي صحت على جيوش مدججة بالأسلحة تتقدم وسط الحقول وبساتين النخيل وأفنية البيوت. الفلّاحة الخبّازة على التنور وهي تناول المجندة الأميركية رغيفا ساخنا، والمثقف العائد من المهجر، والراوي المصاب بشظية صاروخ أميركي. شوارع العاصمة الخالية إلا من الكلاب السائبة، والقطط، والأجساد السابحة في برك من الدم تحيط بالرؤوس. وذلك الصوت القادم من سماء تراقب البشر، والطرقات، والبيوت، وكانوا يطلقون عليه اسم الذبابة الطائرة لجيوش الغزاة. وظلوا يسمعونها ليلا نهارا مثل لغط وافد من جحيم "دانتي". ولم يكن أحد يعرف بالضبط ماذا يجري في بلاد الرافدين. في تلك البلاد السعيدة هم على صواب كلهم أجمعين، مع ذلك... نموت يوميا. وكانت لحظات استثنائية في حياة شعب من الشعوب. هي بلاد سعيدة فعلا: سكاكين مشهرة، شعارات دينية تدعو للجهاد، هوس طائفي غير معهود منذ قرون، أساطير تروّج مع شهقة الهواء كي تلتهم العقول الساذجة وتقودها إلى المسلخ، وكمائن تفوق التصور... وتعلو على الخيال. تلك نتف ضئيلة من قصة الوطن... حدثت ذات يوم مترب وطارت بالجميع، من دون أجنحة، إلى مدن الخراب.
Shipping Cost |
|
Shop Location |
No reviews found!
No comments found for this product. Be the first to comment!