مضى في قلب حارة اليهود، يميزه قامة أميل إلى القصر والامتلاء، ورأس مهوش الفودين، وشعر كثيف يفز من فتحة الجلابية، أعلى الصدر. بادي الصحة بما يلفت النظر. يعرفه المارة والجالسون، فهم يتقونه بإلقاء السلام، أو بالدعوة للضيافة، أو بعدم الالتفات. وثمة روائح غريبة. نفاذة – وإن ألفها - تأتي من داخل البيوت، ونجمة داود متداخلة في الأبواب والشرفات.. تمنى – بينه وبين نفسه - لو أن هؤلاء الجالسين في الدكاكين، الواقفين على النواصي، المطلين من النوافذ، تحرشوا به. شاكلوه مثلما فعلوا مع علي الصغير. ينهي المسألة بمفرده. يطيح فيهم بيديه. يفش الغل الذي يخنقه منذ سنوات. ليست المسألة في مشاكلة علي وإيذائه. يستطيع الوصول إلى الفاعلين. يترك لأصدقائه أمر تأديبهم. فلا يعودون إلى أذية الناس، أو يتركون الحي بلا عودة. الثأر شخصي، لا يقف عند فرد أو أفراد. يمتد إلى حارة اليهود كلها. ناسها وبيوتها ودكاكينها ومعاملاتها. أفلسوه في يوم وليلة. مهدوا لذلك سنوات، بالقروض والشيكات المؤجلة والبضائع الأمانة، ثم هطلوا كالسيل دفعة واحدة. أصبح دكان المصوغات والمجوهرات ملكًا لمن دفع السعر الأعلى. يسرع في خطواته إذا سار أمامه. يصعب عليه النظر، ولو بطرف عينه. الهَمُّ تصاعد داخله، ملأه، حتى تمنى الموت. لما جاء الولد علي يبكي الإهانة، قرر أن يصفي الحساب كله. يكون الدرس في حجم التأثير المطلوب، يعرف اليهود أنهم يسكنون الحارة، ولا يملكونها. من حق الناس أن يمشوا في الشوارع، والأزقة، دون خوف أذى. هل ضربوا علي الصغير في خناقة بين أطفال، أو أنهم كانوا يعرفون أن الولد ابنه؟. سأله عن الأولاد: هل هم أصحابه؟.. وهل يعرفون من هو؟.. وهل تحرش بهم، أو ضربوه بلا سبب؟..
Shipping Cost |
|
Shop Location |
No reviews found!
No comments found for this product. Be the first to comment!