"هل نستطيع العودة إلى الوراء، الانحدار إلى طفولتنا كلما رغبنا في ذلك؟.. كما يعتقد معتصم، وكما أقنع هيام؟ أه، لو نستطيع العودة، الانحدار إلى حضيض الطفولة وكمالها، لمسحنا جميعاً آثار أقدامنا منذ خرجنا على قدمين لأول مرة أيام الطفولة، من البيت إلى العالم الخارجي، لغيرنا الدروب، لبدلنا المسارات. كل الذي يقولون على شاشة التلفزيون إنهم لو عادوا إلى الحياة من جديد لما غيروا شيئاً.. يكذبون. يا إلهي لو أستطيع أن أتقهقر صوب أيام الطفولة محتفظاً بذكرى هذه الحياة، لعلي لن أخطو خطوة واحدة في المسار الذي سرته مختاراً أو مذعناً. ولكنني غير مضطر لمواصلة المشوار، حتى القبر، سأظل هنا، بلا حركة ولا خطوات، إلى أن يأتي الموت لي، فلا أسعى طائفاً مذعناً إليه، أشبك ساقاً على ساق وأنتظره، دون احترام ولا لياقة ولا مجاملة ولا لباقة. حين يصل سأظل هنا في زنزانتي الممتدة من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي. سيجدني راقداً، ويدي تحت راسي... لن أقف احتراماً وإجلالاً، الذين يقفون احتراماً وإجلالاً منافقون يرغبون في مساومته على بضعة ايام أو ساعات زيادة عن الموعد المحتوم. أما أنا فأنتظره قبل الموعد المحتوم... أعرف بعد التجربة أن الموت في الحياة يناسبني، لا أظن أنه يناسب الآخرين، لا أظن أن الموت الحقيقي (الإعدام) ممتع مثل هذا الطراز من الموت. إنه موت نظيف، لا انتحار ولا رغبة في الحياة. لا... إنه غير الاستقالة من الحياة، ولا التقاعد، إنه الموت من الحياة".من وحي عالم الساسة وأقدار أصحابها تأتي أحداث رواية مؤنس الرزاز "عصابة الوردة الدامية" والتي تختلط فيها الأوراق وتتشابك الأسماء والصور، ويشتم من خلال أحداثها روائح الخيانة.. خيانة الأشخاص.. وخيانة المبادئ. ولمؤنس الرزاز في روايته تلك كما في غيرها من الأعمال الروائية، خصوصية تكمن في بحثه الشكلي، في انتقاله المحدد من شكل إلى آخر، وحقيقة الأمر أن الرزاز لا يريد أن يقدم شهادة عن التاريخ العربي المعاصر، بقدر ما يسعى إلى تقديم انهيار هذا التاريخ في شهادة روائية.
Shipping Cost |
|
Shop Location |
No reviews found!
No comments found for this product. Be the first to comment!