بعينيك المتعبتين، كنت ترقب حركة العتمة، هي حركة العتمة، أم حركة الضوء؟ غامضة، ناعمة، دقائق متحركة من السواد، تفرق فيها، ربما كنت تلمح شيئاً في داخلها يتحرك، شيئاً يشبه الوضوح، ولكنه ليس الضوء، يشبه الضوء ولكنه ليس النهار، يشبه النهار ولكنه ليس الشمس. أحكمت الغطاء حول جسدك، صدرك قدميك، أما رأسك فقد كان خارج مساحة الدفء في المحيط اللانهائي من المجهول، الحياة في العينين، وحجرات الدم متقدة في الجبين والبحر ينساب تحت الثياب، موجات صغيرة وادعة، بعد أن هدأت الزلازل في العظام والخلايا، تذكرت فاطمة، فأوشكت أن تظن بأنك عرفتها في أرض غير هذه الأرض، وأن العباءة التي سقطت عن رأسها وكتفيها في ذلك اليوم هي هذا الليل الطويل الذي ينتصب بينك وبينها، لعلها الليل. بيدك المرتجفة التي أصبحت أكثر برودة عندما أخرجتها من تحت الغطاء حاولت أن تمسك بطرف الليل، وتلقي بالعتمة بعيداً، ولكن يديك عادتا فارغتين، تكاد مفاصلهما أن تتحجر كالثلج، وأن تنكسر". في سردياته يخلق إبراهيم نصر الله جغرافية تخيلية مرعبة تلغي التاريخ والهوية والزمن، كما تلغي ثنائية الواقع والوهم أو الحلم، هناك يملك الإنسان تاريخاً شخصياً، أو هوية متميزة، بل أنه وبشكل فاجع لا يملك حتى موته الخاص. وفي هذه الرواية الكابوس تتفجر اللغة متشظية، متوترة، مجترحة تخترق الصفحات كالآسنة المشتعلة في عالم يعد ممكناً للبطولة بالمعنى الذي تحمله في الرواية الكلاسيكية
Shipping Cost |
|
Shop Location |
No reviews found!
No comments found for this product. Be the first to comment!