كاتب الوجدانيات مهمته أصعب ممن يلامس موضوعات المجتمع والآخرين، فهو يكابر حرفه ويتحدى نزفه ليوقف امتداد الوجع الروحي الذي يلفه.. سرعان ما تكشف الكتابة الذاتية في نصوص "على شفير البوح"، الصادرة حديثاً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، عما يعتمل في دواخل كاتبتها الأديبة الجزائرية نور خروبي، وتكاشف مرآتها، فتتلاشى عذاباتها وهواجسها لحظات ولادتها على الورق، لأن الحواس والسيالات العصبية تفرغ حمولتها القلقة عندما تُترجم من صوت داخلي لبوحٍ كاملٍ تسمعه صاحبته وتقرأه وتعي قيمة التجربة وتطلق لها عنان التحرر من بُكمها المسجون في قاللب النفس بمشاركتها مع الآخرين. تتكرر التجربة وتتشابه بحيثيات معينة مع كل من يكتب الأنواع الوجدانية من سيرة وشعر وخواطر وحتى رواية، وكلها تلامس دواخل القارئ وتضيف وعياً بالذات، تختفي من معظمها ديباجة الوزن والقافية، وتطرب لها النفس بموسقتها لفظياً، وحتى ذلك الشجن الموسيقي المتوالد من مفرداتها يلعب دوراً مهماً في الوظيفة الدلالية والمعاني والرسائل.. تترك الأديبة نور خروبي بصمةً جميلةً في عمق ما توصله من أحاسيس فيما تكتب من رؤى شخصية يسيطر عليها الخطاب الشعري، فقد اهتمت بالأخيلة والصور والتوحد الصوفي مع كينونتها الأنثى لإدراك المعاني الحسية، كما أن لغتها سهلة ممتنعة بما فيها من معانٍ روحية يشي بها البوح، تسبر أغوار نصوصها ميتافيزيقياً وتجانس كل ما يخالجها "صراع الأنا وأناها" في سياق الحفاظ على المقومات الفنية، تندمج كي تخبر أكثر من المكتوب، كما يظهر جلياً في نصها "تجلّي": كلانا مُبْحرٌ في محبرةٍ يختبئ في تجاعيدِ سطور مُسْتترٌ حدّ التَّواري مُقتدرٌ حتى السّفُور مذ أبصرتكَ في داخلي توحّدت لاأناي مع أنا كمن يعود من منفاه إلى منفاه كمن يعاود نَبْتَ وريدٍ _________________ أنا المسافرةُ في أنايا زادي بقايَا أتْركُني هنا لديكَ إلى أن أَلتَقِينِي هناكَ في إحدى الزّوايا أو تعودَ إليَّا...
Shipping Cost |
|
Shop Location |
No reviews found!
No comments found for this product. Be the first to comment!