"بينت لي حالة انهمار الصور التي أعيشها في وعي وأمام ناظري، أنه لا يكفي تذكر حادثة واستحضارها كي تفهمها، فخلف كل ذكرى أو صورة أعماق مجهولة لا تخطر على بال... وكثيراً ما يكون اكتشاف هذه الأعماق قادراً على تغيير احساسنا بالحادثة... أتساءل بعد سنوات من عيشي المشترك مع أهلي، هل كنت أستوعب أي نخر مستمر وبطيء يحلّ بروحي؟! هل كنت أستوعب كيف تئن روحي كل لحظة من انعدام خصوصيتي وحرماني من المساحة اللازمة لحريتي، وإحساسي بذاتي؟! صحيح أنني كنت أعيش معها وأنا بحالة ضيق دائم، لكنني لم أتوقع أن هذا الضيق رغم نوب الغضب الكاسح الذي تتخلله، سوف تعطّل الى حدّ بعيد نموي الروحي والوجداني، وأنني بدل أن أوظف طاقاتي وامكانياتي الذهنية والعاطفية لبلورة شخصيتي وتحقيق ما خلقت له، فقد هدرت طاقاتي في الغيظ والقهر والغضب والهروب المستمر من حياتي معها، كتابعة، كلاجئة أبدية في بيت الأسرة.. هدرت طاقاتي لكبت مشاعر النقمة المتفاقمة في روحي.. كيف أنسى جنون الغضب الذي اكتسحني حين عدت ذات يوم من المشفى والصداع يفجر رأسي، وما إن دخلت بيتها حتى غزتني رائحة صباغ شعر أمي، فاكتسحني غضب مجنون، وعدت أدراجي، هبطت الدرج متعثرة بحجم شتائمي، لاعنة القدر والزمن،... والأهل والعمل... وهمت في الشوارع محدقة بعينين صلبها الغضب بما حولي، الى أن هدّني الاعياء، وعدت الى حظيرة الأسرة." حياة قلقة وذكريات موجعة تتقاطع وسيرورة الأحداث تدفع الروائية من خلال شخصيتها المحورية الممرضة بمشاهد تجسد خلالها معاناة المرأة المقهورة الذي لا يكاد يسدّ راتبها رمق عيشها مما جعلها تستبيح سبلاً ملتوية للحصول على مال يجعلها تعيش وابنها في مستوى حياتي أفضل. "وأقرت أن شكل الحياة الكريمة مستحيل في هذا البلد فإما أن تكون سارقاً أو مسروقاً... فكان لزاماً عليها أن تعبر الى الضفة الأخرى، وتعطي ولاءها للصوص كي ينوبها شيء من الفتات المتساقط من موائدهم". تتوارد السرديات وتتابع الأحداث كاشفة عن صداع داخلي يعصف بكل ملامح الحياة الجميلة التي تاقت اليها الممرضة ولكن من خلال الحصول على مال بأساليب غير مشروعة وتأخذ الكاتبة القارئ ليكون شاهداً ومحاكماً بعد مضيه بعيداً مع الأحداث والشخصيات.
Shipping Cost |
|
Shop Location |
No reviews found!
No comments found for this product. Be the first to comment!