"أما بعد... أنا جَوْ ذَربن... عشت كما شاءت في المشيئة... أجيراً في صباي... تعلمت رسم الحروف ونقش الزخارف على يدي معلمي صعصعة... وخلط الأزهار بالصمغ والجير ومسوق الفحم بمقادير مختلفة وغليها لإستخراج ألوان الكتابة والتصوير... كما حذقت تحضير رفوف الكتابة من جلود الماعز... وتحضير الكاغد من القنب الأبيض... وكذا جمع وحباكة الورق وتجليدها كتباً... قضيت عمري أبحث عن مسالك بواطن الأمور... ومسارب الحقيقة.... وهذا أنا أدوّن بعض ما عاش بي الزمن... بعد أن ظللت أنسخُ ما يريده الناس وما يخصهم... سأعود بحكايتي إلى قادم الأيام... إلى يوم جمعة من شهر محرم الحرام 435 للهجرة... يومها انتشر خيالة ملثمون في أحياء وأسواق صنعاء... يبحثون عن ضحاياهم... لتصل مجموعة منهم إلى سوق الوراقين... لحظتها صرخ بي المعلم صعصعة لمرآهم... "اهرب يا جَوْذَرْ بسرعة... انجُ بحياتك". حينها رأيت الموت في عينيه... وسريعاً ما سدّت الخيالة باب الحانوت... دفعني... تسللت تحت لهيب سياطهم... وركلاتهم... من بين سيقات خير لهم، اصطدمت بأجساد السابلة وقد تجمعوا خلف الخيول... رأيته يتلوى تحت ألسنة السياط... تتطاير نتف ملابسه الممزقة.في صباح اليوم الثالث تسرب خبر من أن الإمام الملثم قد هرب ليلاً بأموال طائلة... وأن قبائل ورجال الداعي الجديد الإمام الشريف قد ملأت شوارع وأزقة صفاء وأسواقها ذعراً... خيم الرعب على المدينة، فاحت روائح القتل والنهب والسلب والحرق، حين خطط الملثم للتسلل والهروب خارج صنعاء... كان قد أمر عسكره الملثمين بقتل عدد من وجهاء المدينة ومسايخها بتهمة خيانتهم وتعاونهم مع أعدائه... كان المعلم صعصعة شيخ مشايخ صنعاء على رأس من أمر ملقيه بقتله قبل هروبه...".وهكذا وبعد أيام من مقتل المعلم صعصعة يمضي جوذَرْ وبتكليف من زوجة صعصعة بإعادة بناء الحانوت، صمم على إعادة الحانوت إلى سابق عهده... حذرته أمه من الإنقياد للعاطفة... كان جوذَرْ حينها لا يدري أية عاطفة كانت أمه تقصد... حبه لعمله... أم للمعلم... أم للمشاعر التي كانت تعلم أنه يحملها لشوذب ابنه المعلم...وإلى نهاية الرواية يتحقق ما حذرته منه أمه... فقد قادته هذا كله إلى مواجهات أودت به في نهاية المطاف إلى السجن، ليجد حانوت المعلم وبعد خروجه من السجن وقد تهدم، ومرة ثانية، وبعد ترتيب أفكاره وجد بأن الحياة تستحق أن تعاش، وأن عليه السير إلى حين إقتناعه بأنها حبس، أعاد بناء الحانوت كما كان المعلم فيه... وجعل لنفسه من سقفه حبلاً يتدلى من الجلد المجدول... يقتنيه للإستعانة به يوماً عندما لا يجد مخرجاً له من هذه الحياة إلا هو... ويجلس في زاوية المعلم مستعداً لإستقبال ما يطلب نسخه، مفكراً في كتب الغرفة الخلفية... منتظراً اليوم الذي يستطيع فيه إكتشاف أسرار الكتب المخبوءة بأمان... الكتب التي كانت السبب في سجنه... وفي قتل المعلم.
Shipping Cost |
|
Shop Location |
No reviews found!
No comments found for this product. Be the first to comment!